مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009     الأحد الثاني بعد القيامة  يوحنا 21 : 1-14

 

فضيلة العدل  "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله"(متى 22: 21)

 

سبقنا وأن تكلمنا عن فضيلة الفطنة كأولى الفضائل الأدبية الأربع. واليوم نتكلم عن ثاني فضيلة وهي العدل. وكما تعلمون أن العدل أساس الحياة الاجتماعية بين البشر. دون الإغفال عن العدل في نقطة انطلاقه، أي التصرف تجاه الخالق الذي أعطانا الوجود وكل الخيرات والوسائل اللازمة لنا في هذه الحياة. فهو عدل ولائق وواجب أن نشكره ونسبحه ونخدمه في كل حين. الوصايا العشر بما تتضمنه من أوامر وتعاليم وتوجيهات هي شريعة العدل، تنظم حياة الخليقة مع الخالق وتزن حقوق وواجبات البشر والمجتمات تجاه بعضهم البعض بغض النظر عن الانتماء الديني أوالعرقي أو الجغرافي.   منذ فجر التاريخ وجد الإنسان ضرورة هذه الفضيلة لصيانة شخصية وكرامة وحرية وحقوق كل فرد من أفراد الجماعة الإنسانية. وقد وضع المشرّعون قواعد وأسس تنظم الحياة في المجتمعات، وتحفظ حقوق الأفراد وتصون الحق العام. وقد اكتشفت في وادي الرافدين مقبرة لآثار مجموعات من الوثائق تحوي شرائع وقوانين منها شرائع حمورابي الشهيرة. المتجانسة من قريب مع الوصايا العشر التي وردت في الكتاب المقدس. هناك أيضا شرائع متناثرة بين صفحات الكتاب المقدس تدعو البشر للسلوك بموجبها . وهناك نداءات متكررة تدعو إلى المحافظة على العدل في كل علاقة. نقرأ في سفر الأمثال (21: 3و21) “ إجراء العدل والحكم أفضل عند الرب من الذبيحة. مَن اتبع العدل والرحمة يجد الحياة والمجد" . وجاء في سفر أشعيا(56: 1) “ هكذا قال الرب حافظوا على الإنصاف واجروا العدل فقد اقترب خلاصي أن يجيء"

وفي عصرنا هذا قد تفتح الوعي كثيرا وبرز شعور الإنسان بكرامته والمطالبة بحقوقه. فهبت وسائل الإعلام على مختلف أساليبها تنادي وتطالب بالمساواة وحقوق المرأة والطفل والعمال والفلاحين والمهنيين ... إنه لأمر جيد أن يستيقظ الضمير الإنساني من أجل أن يسود العدل ويستتب من خلاله السلام في المجتمعات. ولكن ليصيب هذا الجهد هدفه بشفافية وإخلاص، يجب أن يتحلى نداء العدل هذا بنيات صالحة سليمة مستلهما نعمة الله ووصاياه ورحمته. وإلا فيُخشى من أن يشذ المنادون بهذه الحقوق إلى غايات أخرى تخدم مصالحهم السياسية أو الحزبية. وقد يذهب البعض إلى المطالبة بما هو مناف لوصايا الله والمباديء الأخلاقية.   ولنعد إلى فضيلة العدل في ممارساتنا المسيحية ضمن العمل والعائلة وتجاه الله والقريب. إننا مدينون للرب بكل ما لنا من وجود وصحة ونعمة وخير. وعلينا أن نوفي هذا الدين بالإيمان والمحبة والسجود لاسمه القدوس والامتثال لوصاياه ووصايا الكنيسة. أما القريب فقد وضعه الرب في هذه الحياة معنا ومثلنا أخا لنا وابنا لله . من هنا واجب التصرف بما هو عدل تجاهه. فمن لا يعدل مع قريبه لا يعدل مع الله. لا يجوز لنا أن نترك القريب بحجة أني غير مسؤول عنه. لا. بل اعترافا بحقوقه علينا في مساعدته ونصحه وحتى توبيخه إذا لزم الأمر ولكن دائما بالمحبة. معترفين بأننا عبيد بطالون وأن ما نفعله هو واجب علينا. وهكذا تكون فضيلة العدل دستور الحياة به تستقيم وتزدهرالمجتمعات. فيتمجد اسم الرب. آمين.

 

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008