مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009 أحد الموتى المؤمنين لوقا 12: 32-40

محبة المتألمـين  "كنت مريضا ومحبوسا فافتقدتموني"

محبة القريب تشمل أيضا وبنوع خاص المتألمين الذين هم بحاجة إلى عون وسند. فإن كنا نحب المسيح حق علينا أن نرى في كل معذب وجهه الدامي المكلل بالشوك، وجسده الممزق وكرامته المداسة ونفسه الحزينة حتى الموت. الكنيسة منذ نشأتها هبت لنصرة ومداراة هؤلاء الذين سماهم يسوع إخوته الصغار. سائرة على خطوات معلمها، حادبة على المتألمين والفقراء والمرضى والمعتقلين والأيتام والمشردين والمنكوبين. وقد أسس أبناؤها البررة من كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين أسخياء، جمعياتِ غوث ومساعدة في هذا المجال. يحدوهم في ذلك قول المسيح الذي أكَّد بأن ما نفعله بأحد إخوته هؤلاء الصغار فبه نفعله (متى 25: 40).

هؤلاء الصغار هم البؤساء والضعفاء والمرضى الذين ارتضى يسوع أن يشاركهم بؤسهم وفقرهم فاصبحوا امتدادا له. وفي هذا المعنى يقول أحد الآباء الروحيين : إن شئتم أن تلمسوا اليوم جراح المسيح كما لمسها توما، فما عليكم إلا أن تحتكوا بإنسان بائس" . لذا فموقفنا من البائسين لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال موقف الترفع والتفضيل. بل موقف احترام عميق لهؤلاء الذين في بشاعة بؤسهم هم صورة لذاك الذي ارتضى أن يصبح كمن " لا صورة له فننظر إليه ولا منظر له فنشتهيه" (أشعيا 53: 2).  المتألمون من حولنا هم كثر. فهناك المرضى في بيوتهم أو في المستشفيات. وهناك المعاقين أو العميان أو الخرس والطرش وما إلى ذلك. علينا أن نميز بحكمة، مَن هو المحتاج حقا، وإلى مَن يجب أن يتوجه اهتمامنا. لئلا نضيّع ما نقدمه ونذهب به إلى غير هدفه. وفي كل الأحوال، ومهما كان للعمل الفردي من أهمية، تبقى المحبة للمتألمين والبؤساء والمحرومين، ناقصة إلم يكن هناك اهتمام اجتماعي. فالمعذبون في الحياة هم كثر وحالتهم تقتضي اهتمام الحكومات والمجتمعات . ومحبتنا المسيحية للبائسين تدعونا إلى رفض كل نظام اقتصادي أو اجتماعي لا يعني بأمر هؤلاء البؤساء وقضيتهم. والمحبة تدعونا للنضال من أجل إقامة مجتمع يؤمن لمعذبي الأرض العدالة وشروط الحياة الكريمة والعناية اللازمة. وهذا هو أيضا ما تدعونا إليه الكنيسة اليوم في تعاليم ورسائل الحبر الأعظم ونداءات الأساقفة . وهذا ما يرتأيه ويفهمه عدد متكاثر من المسيحيين الذين يناضلون من أجل العدالة وكرامة الإنسان مدفوعين ليس لاعتبارات إنسانية وحسب بل لقناعتهم بأن كل ظلم يلحق بالانسان إنما هو طعنة في جنب المسيح . ومن أجل هذا أسست الكنيسة برهبانها وراهباتها ورعاياها مؤسسات خيرية للعناية بالمتألمين والبؤساء والأيتام وغيرهم. وهي تصرف الغالي والثمين في خدمتهم ناظرة فيهم وجه يسوع المتألم. إننا أمام الدماء النازفة من جراح محرومي هذه الدنيا لا يسعنا إلا أن نتذكر عبارة باسكال الشهيرة :" المسيح في نزاع إلى منتهى الدهر، فكيف يسعنا أن ننام" . فإن كنّا للمسيح تلاميذ علينا أن نبصر في هؤلاء المعذبين يسوع نفسه. آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008