مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009    الأحـد الجديـد   يوحنا 20: 26-31

 

فضيلة الفطنة   "كونوا حكماء كالحيات وورعاء كالحمام"

الإيمان والرجاء والمحبة فضائل إلهية تكلمنا عنها في مواعضنا السابقة. وهناك فضائل أخرى أدبية أربع تنظم حياتنا الأدبية وسلوكنا الشخصي والاجتماعي والأخلاقي. وهذه الفضائل الأربع هي: الفطنة والعدل والقوة والقناعة.وتسمى أدبية لأن تحصيلها يأتي بجهود أدبية فكرية جسدية . هي نوع من الترويض على الفعل الصالح وصفة نقتنيها وننميها بجهودنا. والله يباركها ويساعدنا على تنميتها وازدهارها.  وكلامنا اليوم هو عن أولى هذه لفضائل أي الفطنة. والفطنة فضيلة أدبية توجه العقل والإرادة في كل حدث أو مناسبة وتضييء أمامه الطريق إلى اختيار أفضل الوسائل وأسلمها من أجل البلوغ إلى غايته الأخيرة : الله. إنها تنظم أفكارنا وتلهم إرادتنا وتنظمها وتصوّب سلوكنا فلا يغشنا منظر تافه ولا تجرنا منفعة غادرة أو تصرعنا تجربة عابرة. فالإنسان الفطن قبل مباشرته أعماله، بالأخص المهمة منها، عليه :  أولا أن يفكر جيدا في اتخاذ الوسائل الأحسن للبلوغ إلى الغاية المنشودة. وهذا يعني أنه يعود بالفكر والذاكرة إلى الماضي ليرى ما قد مرَّ عليه من اختبارات وأحداث. ثم يتبصر في حاضره والضروف التي يعيشها والبيئة والعقلية التي تحيطه والأشخاص الذين يعيش أو يتعامل معهم ...كل هذا دون الإغفال عن المستقبل حتى يرى، قدر المستطاع، مدى إمكانية نجاح عمله ونتائجه بالنسبة له وللآخرين . فبذكر الماضي وتحليل الحاضر والنظر إلى المستقبل يحسن الإنسان هندسة عمله وتنظيم الفعل الذي يقوم به . ثانيا أن لا يتكفي الإنسان بدرايته فقط ، بل عليه أن يستشير غيره. فكلمة من صديق أوملاحظة من قريب تفتح له العيون وتريه جهة من أمور كان يجهلها أو كان قد غفل عنها. فما استشار أحد وندم.  ثالثا بعد التفكير والاستشارة ياتي دور الحكم والقرار على الوسيلة الأفضل للوصول إلى الغاية المتوخاة. ولكي يكون الحكم صائبا وعادلا ومفيدا يجب تحاشي الأوهام والأهواء والعواطف التي من شأنها أن تربك الإنسان عند اتخاذه القرار الثابت. رابعا بعد اتخاذ كل هذه الاحتياطات والخطوات، يأتي الفطين إلى المرحلة الأخيرة أي إنجاز الفعل الحسن الذي قرر صنعه مهما كانت الجهود الواجب بذلها والصعوبات التي قد تعترض طرق الإنجاز.

هذا السلوك الفطن يدعونا إلى اتخاذه الحكيم في سفر الأمثال(3: 13-26) : طوبى للإنسان الذي نال الفطنة. إن تجارتها خير من تجارة الفضة وربحها يفوق الذهب. طرقها طرق نعمة وجميع مسالكها سلام. هي شجرة الحياة للمتعلقين بها... يا بني احتفظ بالتدبير فتسير في طريقك بطمأنية وقدمك لا تعثر... لأن الرب يكون سندا لك ويحفظ رجلك من أن تؤخذ" . وأمثال يسوع في أصحاب الوزنات وفي الوكيل الذي رفعت عنه الوكالة والعذارى الحكيمات والوكيل الحكيم الأمين. كلها دعوة لنا لنتعلم الفطنة ونطلبها منه في كل عمل أو قرار نتخذه. لاسيما في ما يخص تقديسنا وخلاصنا. آمين

 

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008