مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009   الأحد الثاني بعد الدنح   يوحنا 1 : 43-51

كيف نعيش فضيلة الحب " هكذا أحب الله العالم" أي حتى الموت.

هذا يعني أن الحب يصل إلى نسيان الذات من أجل إسعاد الآخر. وأنتم تعرفون كم وكم من نسيان الذات تمارسون كل يوم من أجل توفير الراحة لأولادكم. من ناحية أخرى يلهمنا الحب كيف نتصرف وكيف نتجاوب مع ما يظهره الآخر نحونا. أو إزاء طريقة تصرفه التي لا تروق لنا. طريقة تجاوبنا تظهر قدرة محبتنا . لأن المحبة الحقيقية تملك القدرة على احتواء مواقف الآخر. ولكن دون التخلي عن الفطنة والحكمة. في الحب يجب أن نكون حساسين نعرف كيف ومتى ولماذا . لئلا يتحول حبنا ضعفا يُستغل من قبل من ينوي الشر . وهذا يسري أيضا على ما فينا نحن من غدر واحتيال على ذاتنا. فأمام رغباتنا المائلة إلى الضعف وإلى كل ماهو سهل وسريع يبقى الحب فينا مهددا في كل لحظة. فنحن في كثير من الأحيان نخلط بين ما هو حب وما هو منفعة . وأحيانا ننقاد إلى منفعتنا ولا ندري أو لا نشعر أن هذا الذي نختاره أو نفعله ليس حبا. بل هو منفعة. لأن السرعة وقلة التفكير لا يتركان لنا المجال لتمييز الأمور. لذا يقول لنا يسوع كونوا ساهرين . لأن ابن الإنسان يأتي في ساعة لا تظنونها. نداء الحب يأتينا كل لحظة إلا أن النعاس والنوم بين أحضان مصالحنا يغيبنا عن حضور المسيح. المحبة هي حساسة. لأنها تشغل العواطف أكثر من غيرها لقربها من القلب والحنان والرحمة . فإن لم ينتبه لها الإنسان ولم يعرف كيف يقود سفينتها، يمكن أن يغوص ويغرق بين أمواج العاطفة. فلا يعود الإنسان يرى ما هو الصالح وما هو الأصلح وما هو المضر . يسوع أحب وأحب كثيرا. أحب حتى الموت وأحب حتى أعداءه. وحتى صالبيه. ولكن مواقفه لم تكن مواقف إنسان ضعيف مخذول. فجوابه كان قاسيا لذاك الذي لطمة أمام هيرودس. وجوابه لابني زبدى كان واضحا عندما قال" أما الجلوس عن يميني أو شمالي، فليس لي أن أمنحه. وإنما هو للذين أعدَّ لهم" (مرقس 10: 40). هذا عدا عن هجمته على الكتبة والفريسيين الذين سماهم قبورا مكلسة وحيَّات أولاد الأفاعي. لا نتوهمن بالغدّارين الذين يأتوننا بمظاهر الحملان وهم من الداخل ذئاب خاطفة. الحب ليس غباء ولا هو ضعف ولا لعبة بيد المحتالين. ومع ذلك أيضا علينا الا نخلط الأمور . لذا علينا أن نتعلم من الإنجيل ومن الكنيسة ومن سير القديسين كيف عاشوا الحب. وكيف ميزوا الأرواح. أجل قد يضطرم حب الله في بعض النفوس الشهمة السخية. فيهيمون فيه ويبدعون في تنويعه وتكراره واستمراره. فيضحون حبا بالله بكل شيء : بالمال والشهرة والرفاهية وبالأهل والوطن. ويتحملون من أجل الله كل صعوبة وحرمان. وقد تصل بهم المحبة إلى سفك الدم وبذل الحياة. فهؤلاء هم القديسين والشهداء الأبطال. ونحن وإن لسنا كلنا مدعويين إلى سفك الدم والتضحية بكل شيء، إلا أننا مدعوين في كل لحظة أن نكون أبطالا بالمحبة. فالبطولة هي أن لا نتراجع أما الصعوبة في تحقيق مقاصد الله وتميم وصيته.كل منا حسب ما وهبه الله. كل منا يجب أن يكون هو هو في خدمته وحياته وتعبيره ومواهبه. فالتعبير عن المحبة وعيشها يمكن أن يكون على أنواع. ولكن الحب واحد لأن الله واحد. آمين.

 

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008