مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009   الأحد الثالث من الصوم    مرقس 2 : 1 -12

 الكلام على القريب   " إن كان أحد لا يزل في الكلام فهو رجل كامل"

الكلام في مفهوم الكتاب المقدس ليس وسيلة للتفاهم والاتصال بين الناس فحسب .بل هو واجهة للشخص " من فضلة القلب يتكلم اللسان" . "من كلامك تتبرر ومن كلامك يحكم عليك " (متى 12: 24-26). فالكلام هوالتعبير عن صاحبه، عن حيويته ونواياه. من خلاله تظهر أهميته في السلوك والحياة. يقول الحكيم ابن سيراخ: " في الكلام كرامة الإنسان والهوان. ولسان الإنسان تهلكتُه" (سيراخ 5: 15). وفي سفر الأمثال (18: 21) نقرأ : " إن الموت والحياة في يد اللسان . والذين يحبونه يأكلون ثماره". ويستنتج ابن سيراخ ( 27: 5-8) بأن الكلام هو المؤشر لقيمة الإنسان فيقول: " الإنسان يُمتَحَن بحديثه". ويكتب يعقوب الرسول في رسالته (3: 2و5و6) " إننا جميعا نزلّ كثيرا .ومن لا يزلّ في الكلام فهو رجل كامل قادر أن يضبط جسده كلَّه باللجام . اللسان عضو صغير ويأتي بعضائم. أما ترى كيف النار اليسيرة تظرم غابة كبيرة؟ اللسان نار وعالم من الإثم. اللسان جعل بين أعضائنا وهو يدنس الجسد كله ويلهب دائرة عمرنا وتلهبه جهنم".ليس أخطر من كلام يقال على القريب بدون تمييز أو تفكير. فكم من سلام كان سائدا في بيوت وأسر وكم من جمعيات ومؤسسات زاهرة وعظيمة سقطت وتهاوت واندثرت لكلام سيء قيل سرا وانتقل من فم إلى فم متسربا في كل مضيق وممر. حتى نتج عنه اقبح الشرور.

إن الافتراء عملة زائفة، وكثير من الناس لا يريدون أن يتداولوا بها أبدا. ولكن إذا جاءت إلى أيديهم يشيّعونها للحال بين الناس بدون ارتياب أو شك مضيفين إليها بعض الشيْ . يقول الحكيم (أمثال 16: 28 ثم 18: 8) " النمّام يفرق الأصحاب وكلماته كلقم حَلوى فهي تنزل إلى أخادير الجوف" وينصحنا الحكيم باتباع وسيلة لطرد كذا إنسان فيقول : " الوجه العبوس يبكم اللسان الثالب" (أمثال 25: 23). أي أننا بإزاء هكذا إنسان وهكذا كلام علينا الاّ نبتسم مُؤيدين بل علينا أن نعبس مستنكرين. يؤسفنا أننا لا نستطيع التخلص من الكلام على الغير. فكم تكلمنا على القريب بخفة وبدون داع أو لأجل التسلية أو تغذية الحديث في المجالس أو الأندية. ونحن غير واعين للشر الكبير الذي ينتج عن هذا الكلام. فلنعد إذن إلى نفوسنا ونحاسبها كم من شرور كنا نحن سببها لِما قد سبق وأصدرنا من كلام أو موقف أو تصريح أوخبر نشرناه سرا أو جهارا عن قريبنا. فأسأنا إلى صيته وسمعته وأقلقنا راحته وأصبنا عائلته وأبعدناه عن أصحابه. الصوم هو زمن صالح ودعوة ملحة ووقت مناسب لنتخلص من هذه الرذيلة ونعود إلى الرب وإلى القريب الذي جعله الله بجانبنا علامة لحضوره وواسطة لإظهار محبتنا للرب، عن طريق محبتنا له ." أحبب الرب إلهك من كل قلبك ... وأحبب قريبك كنفسك". لنفكر إذن قبل التكلم ولنضع حدا لهذا التيار الجارف. ولنسهر على أن يكون كلامنا مملحا بالملح وبانيا . فينشر المحبة والسلام بين الناس ويبني المجتمع. آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008