مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009   الأحد الأول بعد الدنح يوحنا 1 : 29-41

وتبقى المحبـة (2 قور 12: )

نأتي اليوم إلى الفضيلة الثالثة من الفضائل الإلهية وأعظمهن وهي المحبة. والحب عطاء. وهو علاقة بين شخصين أو أكثر. يحاول كل من جهته تقديم كل خدمة من أجل إسعاد الآخر. دون نية سيئة ولا مكسب خسيس ولا أي هدف آخر سوى المساعدة المجانية لوجه الله وعملا بوصية يسوع: " أحبوا بعضكم بعضا كما أنا أحببتكم". فالحب بين الله وبين الانسان يبدأ بمبادرة حرة وسخية من قبل الله. وهو على شكل نداء ودعوة يوجهها إلى قلب الإنسان وإلى ضميره. تاركا للانسان الحرية في أن يقبل أو يرفض هذا النداء. ورفض الإنسان لا يمكنه إيقاف تيار حب الله . لأن الله محبة هو أكثر ن أي شيء آخر.

الله حب فائض وينبوع عطاء يجري للأبد على حد تعبير الكتاب المقدس. فهو يحب منذ الأزل وإلى الأبد. نقرأ في نبوة ارميا" إني أحببتك حبا أبديا فلذلك اجتذبتك برحمة" (31: 3).إن الله خلقنا بلفظة من حبه: " ليكن" وكوّن لنا هذا الجسد العجيب. وصورنا على شبه صورته بنَفَس من روحه. وميَّزنا عن سائر المخلوقات بالعقل والفكر والكلمة، لأنه هو معرفة وفكر وكلمة. فسلّطنا على جميع المخلوقات. وكأنه خوَّلنا أن ندير الكون معه. ونستنبط ونخترع ما نستطيعه من عجائب هذه الدنيا.  ويبقى الله على حبه لنا حتى عندما لا نبادله نحن الحب ولا نستجيب إلى ندائه. ولكنه لا يتركنا حتى يردنا مثل ذلك الخروف الضال إلى حضيرة حبه. من أجل ذلك ولكي يبقى معنا مساندا ضعفنا اليومي وعلى مدى أجيال الخليقة، أرسل ابنه الوحيد من أجلنا. هذا الإبن الذي بذل نفسه دوننا حتى الموت على الصليب. وهو ما يزال معنا مصلوبا ولكن دوما قائما من الموت محُطِّما كل شر وضعف وألم.

بإزاء هذا العطاء وهذا الحب الخلاق الفادي ، لا يستطيع الإنسان أن يستجيب من طبعه سوى بالنعم للحب الإلهي. وهذا ما حدث لأشخاص عديدين أصبحوا نماذج لحياة الحب والكمال. فإبراهيم لما ناداه الله: “ إنطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك" (تك 12: 1) أجاب " لبيك يا رب" وترك كل شيء وربط حياته ومصيره بالله، فاصبح خليل الله. وكذلك القول عن موسى والأنبياء وعن الرسل والقديسين والشهداء الأبطال الذين علقوا مصيرهم بشخص يسوع المسيح وساروا معه منجزين مقاصده الإلهية. ونحن اليوم ألسنا أبناء إبراهيم وورثة الأنبياء وتلامذة المسيح. ألسنا نحن مفديين بدم يسوع. ألسنا نحن على صورة الله مخلوقين بحب ؟ أجل نحن لكذلك. لذا علينا أن نحرر صورة الله. أي علينا أن نطابق حياتنا مع حياة الله . بل علينا أن نصبح نحن أيضا حبا وعطاء وبذلا. فنحب الله وبه نحب الكل حبا لا تفسده نوايا ومصالح . بل حبا يعيش وينتعش بحب الله . فنحب دون مقابل. نحب لأن الله محبة وأوصانا بالمحبة.

" بهذا يَعرف أنكم تلاميذي إذا كان فيكم حب بعضكم لبعض".

 

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008