مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009     الأحد الثالث بعد القيامة مرقس 2: 13-22

 

فضيلة العدل- حق التملك

حق التملك بمعناه الأصيل هو أحد حقوق الإنسان الأساسية من حيث امتداد جذوره في طبيعة الإنسان منذ أن خلقه الله : "وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا وجعل هناك الإنسان الذي جبله...وجعله في جنة عدن ليفلحها ويحرسها". وأعطاه أن يأكل " من جميع أشجار الجنة، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، فإنك يوم تأكل منها تموت موتا " (تكوين2: 15-17). ويضيف في موضع آخر:"فانموا واكثروا ولتعج الأرض بكم وتسلطوا عليها"(تكوين9: 7). حق التملك هذا إذن يبدأ من طبيعة الإنسان كما خلقه الله. وهذا يعني أن الله خلق الإنسان ليكون حرا في حياته وفي مجتمعه. فلا يكون عبدا لأحد حتى يعيش لأنه مُلك الله لا مُلك بشر. إلا أن حق التملك هذا، ولكي لا يتجاوز حدودَه، أحاطته الكنيسة بعنايةكبيرة ودافعت عنه دفاعا مستميتا، لاسيما عندما تضاربت الآراء الاجتماعية والسياسية حوله. وبالأخص في الأنظمة الدكتاتورية.

كيف نفهم نحن المسيحيين حق التملك هذا؟    يقول المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني " إن الملكية الخاصة أو بعض السلطة على الممتلكات الخارجية تؤمن لكل فرد نطاقا لا بد منه من السيادة الشخصية والعائلية . فيجب اعتبارها إذن كامتداد للحرية الإنسانية. وأنها تكوّن أخيرا أحد شروط الحريات المدنية إذ تحث على ممارسة المسؤولية". ومن طبيعة الملكية الخاصة أي يكون لها أيضا طابع اجتماعي مبني على أساس شريعة العدل والمحبة لفائدة الجميع. وإلا انقلب حق التملك هذا إلى أنانيةتسبب في بلبلات خطيرة ومطامع حقيرة. فحق التملك هو لمساعدة الناس ليكونوا أيضا أوفياء للمسيح ولإنجيله ويعيشوا روح التطويبات لاسيما منها روح الفقر في حياتهم الفردية والاجتماعية. إن كل مَن يتبع المسيح ويطلب أولا ملكوت الله وبرَّه يسخر ماله لممارسة حب أقوى وأصفى مساعدا اخوته جميعهم. فيقوم بعمل العدل تحت دافع المحبة التي أوصى بها يسوع :" من كان له قميصان فليقسمهما بينه وبين مَن لا قميص له". من ناحية أخرى يشجب الخلق المسيحي أي نوع من الكسب غير المشروع والبذخ الخارج عن الأخلاق القويمة. إن المال جيد ومفيد للإنسان بقدر ما هو وسيلة للعيش الكريم وعمل الخير. وإلا انقلب عليه واستعبده وداس كرامته. وبهذا الصدد يقول بولس لتلميذه طيماثاوس: " فإننا لم نأتِ إلى العالم ومعنا شيْ . ولا نستطيع أن نخرج منه ومعنا شيء. فإذا كان عندنا قوت وكسوة فعلينا أن نقنع بهما. أما الذين يطلبون الغنى فإنهم يقعون في التجربة والفخ وفي كثير من الشهوات العَميَة المشؤومة التي تغرق الناس في الدمار والهلاك. لأن حب المال أصل كل شر" (1طيم6: 9-10). فاسعوا يا إخوتي في تحصيل ما يخدم ويسند حياتكم ويحفظ كرامة عائلتكم . ومن فيكم زاده الله فليفكر باخوة له هم بحاجة إلى مبادرة رقيقة منه . " فمن كان له في العالم مال ورأى أخاه محتاجا فحبس أحشاءه عنه فكيف تثبت فيه محبة الله" ( 1يوحنا 3: 17) بارككم الرب وبارك أتعابكم. آمين.

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008