مواعظ على مدار السنة الطقسية   2008 ـ 2009 

المطران مار يوليوس ميخائيل الجميل

لأعزائنا الصغار

رسامات

عيون بخديدا

Museum متحف

أرشيف الاخبار

فنانونا السريان أعلام

أرشيف الموضوعات

 

 السنة الطقسية  2008-2009    رأس السـنة لوقا 2 : 21 و4: 14-22

" إني إياك رجوت يا رب" (مز38: 16)

الرجاء محرك للحياة. وحياتنا مسيرة وجهد وجهاد يستمر طوال العمر على هذه الأرض. ذلك بأن الله موضوع رجائنا هو أكيد ولكنه بعيد المنال . والسعيُ إليه يتطلب جهدا مستمرا . هنا تأتي فضيلة الرجاء لتوضح الأمور وتوجه المؤمن نحو الهدف الأسمى. ونحو مواطن السعادة الحقيقية. مفهمة إياه سر السعادة المنتظرة وصحتها ويد الله التي تسنده. فتُنشط حياته ليواصل السير والسلوك الحسن والمثابرة حتى النهاية.

لا شك إن الشهوة والغرور ومحبة المال وغيرها تعمل على جذبنا .هذا من جهة. ومن جهة أخرى متاعب الحياة وهموم العيش والمشاكل اليومية، من عوز أو مرض أو فشل أو غير ذلك من المحن . هذه أيضا تغرق الإنسان في عالم الحزن واليأس والحيرة . وهنا يأتي دور فضيلة الرجاء لتوضّح لنا قيمة الخيرات الأرضية وطبيعتها. فنفهم أن كل هذه الأشياء تفتقر إلى عنصرين أساسيين للسعادة هما: الكمال والدوام.

فالخيرات الأرضية غير كاملة ولا يمكن أن تشبع الإنسان. إنها بعدَ التمتع بها بعض الوقت تورث السأم. ذلك بأن قلبنا خُلق كبيرا ليعانق كل شيء ويضم إليه الجميع وينضم هو إلى أسمى ما في الوجود : الله. الله ذاته خلق قلبنا و لايمكن لهذا القلب أن يستريح إلا به وفيه وحده. أجل إن الخيرات الأرضية خيرات غير دائمة. ومهما أردنا الحفاظ عليها فإنها تفلت منا سريعا. إننا نعلم ذلك ومعرفتنا هذه تقلق راحتنا وفرحنا وتبدد سعادتنا .مع كوننا نملك هذه الخيرات. ومع ذلك لا تخافوا. فالقديس بولس يقول:” فإن كان الإنسان الظاهرفينا يخرب فالإنسان الباطن يتجدد يوما بعد يوم ".

وكما في مجال الملذات الأرضية التي لا تدوم سعادتها . كذلك في أحزانها وبلاياها. فالرجاء يأتي هنا أيضا ليسند ضعفنا ويقوى جهودنا وثباتنا بوجه التجارب والمحن التي تصيبنا. علما بأن المحن والتجارب والأحزان هي الأخرى لتقوية إيماننا ولتطهير نفوسنا وتقريبنا من الرب. ذلك بأن في المشاكل والهموم والأحزان تختفي نعم ومكافأات كثيرة يحفظها الرب لمن يصمدوا أمينين. وقد صرح يعقوب الرسو ل بذلك عندما قال: " طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة، لأنه سيخرج مزكّى فينال إكليل الحياة الذي وعد به مَن يحبونه" (يعقوب 1: 12). وبولس الرسول هو الآخر صرخ معذبا: " أريد أن أفعل الخير وإذا الشر حاضر لدي . الإنسان الباطن فيَّ يسر بناموس الخطيئة الذي في أعضائي. يا لي من إنسان شقي ! من ينقذني من جسد الموت هذا ؟ ( روم. 7: 14_25 ). فيجيبه الرب " تكفيك نعمتي". أجل إذا كان الله معنا فمن علينا. (روم8: 31). ولا ننسى قول المسيح: “ثقوا أنا غلبت العالم" (يوحنا 16: 33). رجاؤنا بالرب فلن نفشل. آمين.

 

 

م. ج.

زائر رسولي

 

الفهرس 2008